وحصلت اليسارية رئيسة تشيلي السابقة ميشيل باتشليه على أغلبية بلغت 60 بالمئة من الأصوات حيث حققت بسهولة الفوز على منافستها إيفيلين ماتي التي اعترفت بالهزيمة .وخاضت باتشليه الانتخابات مرشحة عن ائتلاف (الأغلبية الجديدة) الذي يضم تيارات متنوعة مثل يسار الوسط والديمقراطيين المسيحيين والشيوعيين.
وكانت باتشليه، التي تبلغ من العمر 62 عامًا، وهي في الأساس متخصصة في طب الأطفال، قد حصلت على 47 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى مقابل 25 في المئة لماتي.
وتتزعم باتشليه تحالفًا يضم الحزب الاشتراكي الذي تنتمي إليه، بالإضافة إلى حزب الديمقراطيين المسيحيين، والحزب الشيوعي، ووعدت في برنامجها الانتخابي بأنها ستعمل على سياسات تقلل الفجوة بين الأغنياء والفقراء في بلدها.
ورغم أن تشيلي تعتبر من أغنى الدول في أمريكا اللاتينية، إلا أن الملايين قاموا بالاحتجاج في السنوات الأخيرة مطالبين بتوزيع أكثر عدالة للثروة في البلاد، وبمستويات تعليم أفضل.
وتسعى باتشليه لرفع الضرائب من أجل توفير التعليم الجامعي بالمجان، وإجراء إصلاحات على الهياكل السياسية والاقتصادية التي خلفها نظام أوجوستو بينوشيه الديكتاتوري الذي حكم تشيلي من 1973 وحتى 1990.
يذكر أنه بمجرد الانتهاء من الجولة الأولى التي شهدت مشاركة عدد قياسي من المرشحين فإن كل من باتشليه وماتي شرعتا في محاولة الحصول على أصوات من لم يشاركوا في الجولة الأولى من الانتخابات والتي أجريت في 17 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي ويقدر عددهم بـ6ر6 ملايين شخصا أي ما يقرب من نصف من يحق لهم التصويت ودعوتهم للنزول في الجولة الثانية.
وترجع النسبة المنخفضة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة بجولتها الأخيرة في تشيلي إلى استخدام نظام التصويت التطوعي على الرغم من أن التسجيل يتم بصورة تلقائية.
من ناحيتها فإن المعارضة ترى الرهان في التغيير الذي تمثله باتشليه ومن ضمنها إصلاح في النظام الضريبي يسمح بالحصول على تعليم مجاني متميز ودستور سياسي جديد يقضي على ذلك الذي تم إعداده خلال ديكتاتورية بينوشيه، ضمن اجراءات أخرى
وعلى الرغم من كل الخلافات السياسية التي تفصل بين باتشليه وماتي فإن الماضي يجمع بينهما، فكل منهما تعرف الأخرى حيث كانت هنالك علاقة صداقة قوية تجمع بين والديهما حينما تعرفا في الخمسينيات بقاعدة سيرو مورينو الجوية بشمال تشيلي، بصفتهما عناصر في القوات الجوية.
ميشيل هي ابنة الجنرال ألبرتو باتشليه الذي عقب الانقلاب العسكري الذي نفذه أوجوستو بينوشيه في 11أيلول / سبتمبر 1973 اعتقل واتهم بـ"خيانة الوطن" بسبب ولائه لسلفادور الليندي الرئيس الذي تمت الاطاحة به، وإعدامه والإعلان بعد ذلك رسميا أنه انتحر بسلاح اهداه له فيدل كاسترو.
توفي والد باتشليه بعدها بستة شهور في سجن سانتياجو نتيجة للتعذيب الذي تعرض له من قبل زملائه في السلاح عقب اعتقالها في أكاديمية الحرب الجوية بالعاصمة.
من ناحيته فإن والد إيفيلن، العقيد فرناندو ماتي وصل بعد الانقلاب بثلاثة شهور إلى تشيلي قادما من بريطانيا حيث كان يشغل منصب الملحق الجوي في سفارة تشيلي بلندن، وعقب تعيينه في أكاديمية الحرب حيث كان يحتجز زميله ألبرتو، تم ترقيته إلى رتبة جنرال ثم رئيسا للقوات الجوية وتعيينه وزيرا للصحة من قبل بينوشيه.
وفي خلال الفترة بين عامي 1978 ونهاية الديكتاتورية العسكرية في 1990 كان ماتي من ضمن أعضاء المجلس العسكري التابع للحكومة، والذي كان يقوم بوظائف المجلس التشريعي، إلا أن القضاء وأرملة وابنة الجنرال باتشليه أكدوا بعد ذلك أن ماتي لم تكن لديه يد في وفاة صديقه.
وعقب وفاة والد باتشليه، فإنها ووالدتها أنخلا خريا، تعرضتا للاعتقال والتعذيب من قبل الشرطة السرية التابعة لبينوشيه وبعدها للنفى في بداية الأمر إلى أستراليا ثم ألمانيا الديمقراطية، إلا أنه وفي أوج الحقبة الديكتاتورية عادت باتشليه من المنفى إلى وطنها تشيلي وبدأت دراسة الطب وشاركت بقوة في الأنشطة المعارضة للنظام العسكري.
وعقب انتهاء الحكم العسكري تم تعيين باتشليه من قبل الرئيس ريكاردو لاجوس (2000-2006) في منصب وزارة الصحة ومن بعدها الدفاع وهو المنصب الذي تركته من أجل تحدي أكبر لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة البلد اللاتيني في الفترة بين عامي 2006-2010.
وعقب انتهاء ولايتها وبمعدلات شعبية وصلت إلى 80% وهو الرقم الذي لم يسبق لأي رئيس تشيلي تحقيقه، سافرت ميشيل باتشليه إلى نيويورك وقبلت منصب مديرة شؤون المرأة بالأمم المتحدة. بعدها بثلاث سنوات عادت باتشليه إلى تشيلي وشاركت في الانتخابات التمهيدية بائتلاف الأغلبية الجديدة المعارضة لتفوز بشرف الترشح وتخوض التحدي من جديد.
يشار إلى أن باتشليه أم لثلاثة أبناء وتتحدث الإنجليزية والألمانية والفرنسية والبرتغالية بطلاقة فضلا عن أن عزف الجيتار من هواياتها المحببة.
كارلوس دورات
http://www.hdhod.com/