فضيحة أودبريخت تنتشر كمرض خطير بحسب كلمات "ميدلي جلوبال أدفايزرز" من البرازيل إلى بقية أمريكا اللاتينية. في الوقت الذي أصبحت فيه تفاصيل صفقة قانونية أبرمتها مجموعة الإنشاءات الأكبر في أمريكا اللاتينية، الموصومة بالعار، علنية يُصبح من الواضح أن تعاملاتها لم تكُن فقط في قلب فضيحة "غسيل السيارات" في البرازيل. فمن أجل الفوز بعقود الأشغال العامة، دفعت أودبريخت رشا لعدد كبير من السياسيين في أنحاء المنطقة كافة ولعدة أعوام.
التداعيات تعد بأن تكون لا يستهان بها أيضاً. من الناحية السياسية، يُمكن أن تؤثر في الانتخابات من خلال توريط الحكومة الحالية أو أحزاب القادة السابقين في الفضيحة، كما حدث في بيرو، والمساهمة في صعود المرشحين المناهضين للمؤسسة - استطلاعات الرأي الأخيرة في البرازيل وتشيلي تُشير إلى أن هذا بدأ بالفعل. من الناحية الاقتصادية، تُجادل "إم جي آيه"، وهي خدمة أبحاث مختصة في الاقتصاد الكلي تملكها "فاينانشيال تايمز"، بأن من المرجح أن تُلحق الضرر بالنمو، لأن استثمارات البنية التحتية تتأخر في الوقت الذي تعدل فيه هيئات القطاع العام إجراءاتها.
لكن على المدى الطويل ينبغي أن يكون التأثير إيجابيا لأن أمريكا اللاتينية تُصبح أكثر صرامة فيما يتعلق بسلالة الفساد المذكورة. ويبدو أن البرازيل تُصدّر ليس فقط فضائحها، لكن أيضاً طُرق التعامل معها، في الوقت الذي يزورها فيه ممثلو النائب العام من البلدان المجاورة لمعرفة طريقة تحقيقها في عملية "غسيل السيارات".
في البرازيل، بالطبع، التحقيق ألحق الضرر فعليا بالاقتصاد وأسهم في إدانة الرئيسة السابقة، ديلما روسيف. التسريبات الجديدة الآن تؤذي السياسيين في أنحاء الطيف كافة، بما في ذلك أعضاء الحكومة الحالية لميشيل تامر، رئيس البرازيل.
في حين أن تامر من المرجح أن ينجو، إلا أنه وعد -تحت الضغط- بإزالة الحصانة عن أي عضو من مجلس الوزراء يُتّهم رسمياً من قِبل المدعي العام وطرده - ويُمكن أن يكون هناك عدد لا بأس به منهم. وعلى أي حال، الانتخابات الرئاسية عام 2018 من شبه المؤكد أن تُحدِث تغييرا في الحكومة.
كان أن هناك أيضاً تأثيرا خطيرا في بيرو، حيث ورّطت فضيحة أودبريخت الإدارات الثلاثة الأخيرة لأليخاندرو توليدو، وألان جارسيا، وأولانتا هومالا، بينما خفّض البنك المركزي توقعاته للنمو لعام 2017 إلى 3.7 في المائة من 4.4 في المائة في بداية العام. بيدرو بابلو كوكزينسكي، الرئيس الحالي في بيرو، لم تصل إليه الفضيحة حتى الآن، على الرغم من أنه خدم في إدارة توليدو، لكن شعبيته تراجعت إلى 35 في المائة من 60 في المائة في آب (أغسطس). في الوقت نفسه، توليدو هو الآن هارب دولي وبيرو تطلب مساعدة الولايات المتحدة في تسليمه.
حقيقة أن كثيرا من الحكومات السابقة تلوّثت بالفضيحة تشير إلى الحاجة إلى إجراء إصلاح واسع النطاق للطبقة السياسية وإنهاء تقليد ترشّح الرؤساء السابقين للمنصب. في بلاد حيث المرشحون المناهضون للمؤسسة هم سمة منذ فترة، إلا أن اليسار هو الأكثر صخباً بشأن الفضيحة والمُستفيد حتى الآن. حزب فوجيموري، المُعارض الكبير من يمين الوسط، يبدو أكثر حذراً، جزئياً بسبب فضائحه السابقة، لكن أيضاً لأن الانتخابات الرئاسية التالية لن تجري حتى عام 2021.
في الوقت نفسه، الانتكاسات لجدول أعمال الحكومة في مجال البنية التحتية ستجعل خطتها لتحقيق نمو بنسبة 4 في المائة أصعب بكثير. وتعتقد "إم جي آيه" أن بيرو ستبقى عالقة في نطاق يراوح بين 3 و4 في المائة، لأن مشاريع البناء باستثناء المشاريع الـ24 التي بقيادة أودبريخت أُلغيت أو أُجلت. مشروع شبكة أنابيت جاسودوكتو ديل سور الذي تبلغ قيمته سبعة مليارات دولار ألغي منذ الآن، بعد الانتهاء من عُشر المشروع فقط.
في كولومبيا، حيث الانتخابات الرئاسية على بُعد 13 شهراً تقريباً وخوان مانويل سانتوسن، رئيسها، يُسيطر بصورة تامة على الكونجرس، اتهامات تمويل الحملات الانتخابية غير المناسب من قِبل أودبريخت لن يُهدد استقرار الحكومة. ومع تورّط كل من الإدارة والمعارضة اليمينية الرئيسة، فإن تلك الانتخابات في عام 2018 لا يزال من المرجح أن تُسفر عن حكومة من تيار الوسط.
التأثير المُباشر للفضيحة على الاقتصاد من المُقرر أن يكون أقل ضرراً مما هو في بيرو لأن أودبريخت كانت لاعبا صغيرا في كولومبيا، مع ثلاثة مشاريع رئيسة فقط. اثنان منها -امتياز طريق ومشروع نهر- سيتم إلغاؤهما، وكما هو مأمول، سيعاد طرحهما في المزاد العلني. هذا ينبغي أن يكون ممكناً، لكنه سلّط ضوءا على برنامج الرئيس الطموح "للجيل الرابع" من البنية التحتية الذي لا يزال بحاجة إلى تمويل - وهذا سيستغرق الآن وقتا أطول وتكلفة أكبر. التأخيرات يُمكن أن تُبقي النمو الاقتصادي عند نسبة 1.8 في المائة المُقدّرة للعام الماضي، التي ستكون مُخيبة للآمال.
في المقابل، في الأرجنتين، التأثير على حكومة موريسيو ماكري والاقتصاد من المرجح أن يكون ضئيلا. في الواقع، قد يكون هناك حتى جانب إيجابي بالنسبة للرئيس لأن أي اتهامات ومحاكمات من المرجح أن تُركّز على إدارة كريستينا كيرشنر السابقة - في الوقت الذي فازت فيه أودبريخت بعديد من العقود في الأرجنتين. هذا يُمكن أن يزيد من تعقيد الوضع القانوني لكيرشنر وكثير من كبار أعضاء مجلس الوزراء السابقين. ماكري طلب من تامر تسريع مشاركة المعلومات مع السلطات الأرجنتينية.
التأثير الاقتصادي في تشيلي من المرجح أيضاً أن يكون ضئيلا. لكن الفضيحة تُلحق الضرر برئيستها، ميشيل باشيليه، التي تعاني متاعب منذ فترة وتراجعت شعبيتها 22 في المائة، بعد مزاعم بأن حملتها السابقة ممولة من قِبل OAS -شركة بناء برازيلية أخرى وافقت أيضاً على صفقة قانونية. وبعد عام من توليها المنصب، فازت OAS بصفقة بقيمة 740 مليون دولار لبناء أكبر جسر مُعلّق في أمريكا اللاتينية.
هذا ينبغي أن يُساعد المرشح الرئاسي من يمين الوسط (والرئيس السابق) سباستيان بينيرا في الانتخابات المُقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام. لكن من المفارقات، يبدو أن هذا أيضاً يُعزز آفاق أليخاندرو جويلييه، الذي يُدافع عن ائتلاف يسار الوسط الحاكم لكنه يأتي من حزب صغير داخله. جويلييه يُراه الناخبون على أنه المرشح المناهض للمؤسسة الذي سيعمل على تنظيف السياسات التقليدية.
الفساد كان أيضاً موضوعا رئيسا في الانتخابات الرئاسية في الإكوادور بعد أن ظهر أن أودبريخت كانت قد دفعت الملايين للفوز بعقود، بما في ذلك مشروع سد لتوليد الطاقة الكهرومائية، ومطارات وأشغال لشركة النفط الوطنية. مع ذلك، مع احتساب 82 في المائة من الأصوات يوم الإثنين بعد جولة التصويت الأولى في عطلة نهاية الأسبوع، لينين مورينو، مرشح حزب أليانزا بايس اليساري الحاكم، كان قريبا من الفوز - على الرغم من حقيقة أن مُعلّمه، الرئيس رافائيل كوريا، موجود في المنصب منذ عقد ومتورّط في القضية.
المصدر
http://www.aleqt.com/2017/03/15/article_1151351.html