فنزويلا تتحول إلى ثقب أسود يبتلع أرباح الشركات متعددة الجنسيات

الخميس, 10 تموز/يوليو 2014 13:16

الأمثلة عديدة، حيث يتوقع أن تخسر شركة برنكس لخدمات الحماية نحو 400 مليون دولار من إيرادات عملياتها في فنزويلا، بينما أعلنت بروكتر آند جامبل عن شطب أصول بقيمة 275 مليون دولار من فرعها في هذا البلد اللاتيني، كما خفضت شركتا أمريكان آيرلاينز ودلتا آير لاينز رحلاتهما إلى فنزويلا.

وعلى مدار سنوات عديدة، ورغم التوجهات الاشتراكية للحكومة الفنزويلية، إلا أن شركات أمريكية كبرى ومؤسسات أجنبية أخرى تمتعت بالازدهار في هذه الدولة، مستفيدة من محدودية المنافسة وتعطش المستهلكين إلى العلامات التجارية الشهيرة، فضلا عن العلاقات التجارية الوثيقة مع الولايات المتحدة.

لكن الفوضى الاقتصادية الذي يشهدها هذا البلد بدأت تترك آثارها على هذه الشركات، حيث تسببت عملية كبيرة لخفض قيمة العملة المحلية إلى تبخر أرباحها.

ودأبت الشركات الأمريكية، عملا بالقواعد المحاسبية القياسية، على تسجيل مبيعاتها وأرباحها في فنزويلا بسعر الصرف الرئيسي الذي حددته الحكومة للعملة المحلية، البوليفار، ونظرا لأن قيمتها كانت متضخمة لسنوات طويلة، كانت الشركات الدولية تسجل أرقاما قوية .

لكن معدلات التضخم المرتفعة في البلاد- والتي تبلغ حاليا 60 بالمئة سنويا- أدت إلى ارتفاع حاد في الأسعار التي تحددها تلك الشركات لمنتجاتها وخدماتها المختلفة بالبوليفار، مما دفع المبيعات بالعملة الفنزويلية إلى مزيد من الارتفاعات وعزز من التشوهات عند تحويلها إلى دولارات.

هذه التشوهات تتجلى بوضوح في البيانات المالية الخاصة بـ"فيمسا"، أكبر شركة لتعبئة زجاجات الكوكاكولا في أمريكا اللاتينية، حيث بلغت إيراداتها في فنزويلا العام الماضي 2.4 مليار دولار، بزيادة طفيفة عن البرازيل، التي تعد دولة أكبر منها كثيرا، إلا أن أحجام المبيعات التي تعكس عدد الزجاجات أو الوحدات المباعة فعليا، كانت أعلى مرتين أو ثلاث مرات في البرازيل مقارنة بفنزويلا.

لكن الشركات الأجنبية بدأت الآن تشعر بالنتائج السلبية لعدد من عمليات تخفيض قيمة العملة المحلية على مدار العام ونصف العام الماضيين.

في البداية، غيرت الحكومة سعر الصرف الثابت من 4.3 بوليفار إلى 6.3 بوليفار للدولار الواحد، ثم أنشأت نظاما ثلاثيا لأسعار الصرف، الأول هو 6.3 بوليفار، ويستهدف إلى حد كبير استيراد السلع الرئيسية مثل الغذاء والدواء، ثم آخر متوسط يبلغ 10.5 بوليفار، متاح أمام الشركات المدعوة للمشاركة في المزادات الحكومية، ثم سعر صرف أخير أعلنت عنه الحكومة أوائل هذا العام ويبلغ 50 بوليفارا للدولار الواحد، وهو متاح أمام كافة الشركات والأفراد.

الصورة ازدادت تعقيدا بالنسبة للشركات بعدما منعتها الحكومة الفنزويلية من تحويل أرباحها إلى الخارج خلال السنوات الخمسة الماضية.

ورغم أن الشركات لديها طرق تلتف بها على احتجاز الأرباح، من بينها رفع أسعار السلع والخدمات التي تقدمها الشركة الأم إلى فروعها الفنزويلية، لكن الكثير من الشركات الأجنبية عالقة مع أكوام من البوليفار تنكمش قيمتها في كل مرة تحدث فيها عملية تخفيض لقيمة العملة المحلية.

واضطرت شركة كولجيت- بالموليف، على سبيل المثال، إلى شطب أصول بقيمة 174 مليون دولار نتيجة تطبيق سعر الصرف المتوسط الذي أعلنته الحكومة على ميزانيتها، أما فورد فشطبت نحو 136 مليون دولار لنفس السبب.

علاوة على ذلك، شددت الحكومة العام الماضي القيود على النقد الأجنبي، مما زاد من صعوبة حصول الشركات على الدولارات التي تحتاجها لاستيراد السلع والخدمات وقطع الغيار وغيرها من المواد، كما لم تف السلطات الفنزويلية بوعودها بتوفير العملة الصعبة لسداد أثمان الواردات التي جرى شراؤها بالأجل، وفي كثير من الحالات يرفض الموردون الآن شحن مزيد من السلع إلى فنزويلا حتى يحصلوا على مستحقاتهم المتأخرة.

النتيجة أن فنزويلا أصبحت تزداد عزلة وانقطاعا عن بقية العالم.

ورغم هذه الصورة القاتمة، إلا أن هناك مؤشرات على اتجاه الحكومة الفنزويلية إلى اتخاذ إجراءات لتحفيز الاقتصاد، حيث يقول مسؤولون حكوميون إنهم يعتزمون المضي قدما في وضع سعر صرف موحد يعالج التشوهات الحاصلة الآن.
http://www.argaam.com/article/articledetail/435793

قراءة 1510 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)