الدين وسيلة تركيا لغزو أمريكا اللاتينية

الأربعاء, 11 شباط/فبراير 2015 13:44
بعد النجاح الملحوظ في الغزو التركي للقارة الإفريقية خلال العقد الأخير، خاصة دول غرب إفريقيا وجنوب الصحراء، بالاعتماد على الاقتصاد والدعم المادي واستثمارات البنية التحتية، وهو ما يتضح في زيادة حجم الاستثمارات التركية في إفريقيا من 2 مليار دولار عام 2002 إلى 30 مليارا في عام2013، نجد أن وسيلة الغزو التركي لقارة أمريكا اللاتينية مختلف تماما، وذو توجهات فكرية أكثر منها مادية.

وتعد الدبلوماسية الدينية من أهم ركائز الدبلوماسية التركية عموما، والتي تتضح في تجربة غزوها الراهن إلى أمريكا اللاتينية، التي تضم نحو 80 مسجدا و50 مركزا إسلاميا، بينما لا يعرف العدد الحقيقي للمسلمين وإن كانت نسبتهم ضعيفة بسبب توقف الهجرة المسلمة للمنطقة خلال الثلاثة عقود الأخيرة، حسبما أفاد الكاتب المغربي، حسين مجدوبي، في أحد مقالاته بصحيفة "القدس العربي".

وترتكز تركيا على العديد من الآليات في غزوها لقارة أمريكا اللاتينية، في مقدمتها آلية نشر الدين الإسلامي، استغلالا لقوانين دول القارة الغير مقيدة لنشر الأديان، والتغلغل الثقافي.

 الدين
تختلف آليات الغزو التركي في أمريكا اللاتينية عن نظائرها في القارة الإفريقية، وأن اتفقت الأهداف الاقتصادية التي تخدم خطة تركيا لعام 2023، والتي طالما نادى بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في العديد من خطاباته السابقة.

أولي تلك الآليات تتضح معاملها بداية من حيث استضافتها قمة "القادة الإسلاميين بأمريكا اللاتينية" بمشاركة 76 عالم دين من أكثر من 40 دولة، من بينها البرازيل، والأرجنتين، وفنزويلا، وتشيلي، والمكسيك، وسورينام، والأوراغواي، والبارغواي، وكولومبيا، وبوليفيا، وبنما، وجمهورية الدومينيكان، والإكوادور، وجامايكا، وذلك في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي.

حيث أكد رئيس هيئة الشؤون الدينية بتركيا، محمد جورميز، أن "بات هاما دعم المسلمين حول العالم من خلال حملات التعليم والخدمات، وأن الرئاسة التركية تعتبر دعم المسلمين في كافة أنحاء العالم في مجالي التربية والخدمات الدينية حركة خيرة، وأن الهيئة ستقدم تجاربها إلى الجاليات المسلمة المقيمة في بلدان أمريكا اللاتينية"، حسبما أفادت وكالة "الأناضول".
 
وأرسلت تركيا مطلع عام 2014 وفدا إلى كوبا للاتفاق حول بناء مسجد في العاصمة "هافانا"، على غرار مسجد "أورتا كوي" في إسطنبول، بناء على رغبات الرئيس التركي، وهو ما أكده السفير الكوبي في أنقرة، ألبيرتو جونزاليس كاسيلاس، خلال لقاء تليفزيوني مع قناة "أن تي في" في ديسمبر/كانون أول الماضي، مضيفا أن "بلاده وافقت على طلب الرئيس التركي حول بناء مسجد في كوبا".

ومن العوامل التي تدعم آلية استخدام الدين لغزو القارة اللاتينية أن دول المنطقة لا تفرض قيودا على نشر أي ديانة، وهو ما دفع تركيا للدخول في الصراع الديني الإسلامي المذهبي القائم منذ سنوات بين إيران والسعودية في تلك القارة.

 الإعلام

تنطلق تركيا نحو أمريكا اللاتينية، استنادا إلى التراث العثماني باستخدام آلية الإعلام، إذ أن مسلسل "القرن الأعظم" المعروف في الوطن العربي بـ"حريم السلطان" تم ترجمته إلى الإسبانية وإذاعته حاليا في كوبا، وكذلك المسلسل التركي "ألف ليلة وليلة" الذي يتم إذاعته في تشيلي.

وأعلن الرئيس التركي قبيل جولته الحالية في أمريكا اللاتينية، والتي بدأها في التاسع من الشهر الجاري بزيارته إلى كولومبيا، يتبعها كوبا والمكسيك، أن "يتعين على مسؤولي دول أمريكا اللاتينية، ترجمة المسلسلات التركية إلى الإسبانية وبثها على شاشاتهم. وذلك بهدف نشر الثقافة التركية في القارة".


كما أعلنت تركيا خلال قمة "القادة الإسلاميين بأمريكا اللاتينية" عن عزمها إطلاق قناة فضائية باللغة الإسبانية موجهة إلى مسلمي أمريكا اللاتينية، على غرار قناتي "هسبان تي في" الإيرانية، وقناة "قرطبة" السعودية.

2015 عام المحبة بين تركيا وأمريكا اللاتينية برعاية أردوغان
08/02/2015
عام 2015 سيكون للتركيز بشكل أكبر على العلاقات مع بلدان أمريكا اللاتينية" كانت هذه كلمات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الجلسة الختامية للقمة الأولى للزعماء المسلمين باسطنبول، نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وكشفت هذه الكلمات عن نية تركيا الجادة في تمتين جسور التعاون مع بلدان أمريكا اللاتينية.

وتسعى تركيا منذ سنوات عدة لبناء جسور تواصل مع دول الـ3 قارات، هي أمريكا اللاتينية، وآسيا، وأفريقيا، مفضلة في ذلك المدخل الاقتصادي والتجاري، وبعد قيام أردوغان بجولته في أفريقيا، جاء الوقت على دول أمريكا اللاتينية.

يبدأ أردوغان جولته في أمريكا اللاتينية، اليوم الأحد، حيث سيتوجه أولا إلى كولومبيا، ثم كوبا، وأخيرا المكسيك، ويصطحب أردوغان في زيارته عددا من الوزراء ورجال الأعمال والبيروقراطيين.

تاريخ

تعود جذور العلاقات بين تركيا وبلدان أمريكا اللاتينية إلى القرن الـ19، حينما بدأت موجات الهجرة المتعددة من الإمبراطورية العثمانية إلى أمريكا اللاتينية، وتوطدت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وهذه البلدان مع انهيار الخلافة العثمانية، حيث كانت دولة "تشيلي" أول دولة اعترفت بالجمهورية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، حيث وقعت في عام 1926 اتفاقية صداقة وتعاون مع تركيا.

أول زيارة

وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التركية، لن تبلغ العلاقات بين تركيا ودول أمريكا اللاتينية درجة عالية من القوة، نظرا للعديد من الظروف، أولها البعد الجغرافي وقلة الاتصالات، ولكن على الرغم من هذا فلم يكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أول رئيس يوجه اهتماما لبلاد أمريكا اللاتينية حيث سبقه الرئيس التركي الأسبق، سليمان داميرال، الذي زار هذه البلدان في 1995، وتضمنت زيارته الأرجنتين والبرازيل وتشيلي، وكانت هذه الزيارة نقطة تحول كبيرة في مسار العلاقات بين تركيا وهذه الدول.

 أخذت العلاقات التركية مع دول أمريكا اللاتينية مؤخرا منحدرا جديدا، حيث شهدت الـ10 أعوام السابقة سياسة تركية فعالة تجاه دول هذه المنطقة، حتى أن تركيا أعلنت عام 2006 "عام أمريكا اللاتينية والكاريبي".


العلاقات السياسية

وفي إطار سياسة تركيا الخارجية ورؤيتها متعددة الأبعاد، فهمت الدولة ضرورة الاستفادة من الإمكانات التي تقدمها أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي، فنظمت الزيارات والاجتماعات الرفيعة المستوى لتعزيز العلاقات، وتوقيع اتفاقيات في المجالات المختلفة الاقتصادية والعسكرية والثقافية والتجارية، وخلال الفترة الأخيرة زاد التمثيل الدبلوماسي والتفاعل الثقافي بين تركيا وهذه البلدان.

زيارات

خلال الفترة من 2009-2012 زار تركيا رؤساء الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وكوستاريكا وسانت فينسنت والجرينادينز، ورؤساء وزراء الباهاما والبربادوس والبرازيل، وكذلك وزراء خارجية الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا والمكسيك والباراجواي وفنزويلا.

وعلى الصعيد التركي أجرى الرئيس، رجب طيب أردوغان، حينما كان رئيسا للوزراء زيارة إلى المكسيك والبرازيل، وأجرى رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، حينما كان وزيرا للخارجية زيارة إلى المكسيك.

خلال الزيارة التي قام بها أردوغان للبرازيل في الفترة من 25-29 مايو/ آيار 2009، وقع خلالها "خطة الشراكة الاستراتيجية" بين تركيا والبرازيل، والتي تطورت معها العلاقات بشكل كبير جدا.

تمثيل دبلوماسي

تقدم التمثيل الدبلوماسي بين تركيا ودول أمريكا اللاتينية بشكل ملحوظ، حيث زادت عدد السفارات التركية في هذه الدول، إلى 9 سفارات، فضلا عن القنصليات العامة الفخرية المنتشرة بدول هذه المنطقة والتي تصل إلى ما يقرب من 26 قنصلية.

تعاون اقتصادي

وقعت تركيا اتفاقيات تعاون اقتصادي وتجاري مع 13 دولة من دول هذه المنطقة، ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا وهذه الدول منذ عام 2000، حيث قفز من 919 مليون دولار عام 2000 إلى ما يقرب من 5.5 مليار دولار بحلول عام 2008، ووصل إلى ما يقرب من 8 مليار دولار في 2011، محققا بذلك زيادة 50 % مقارنة بالعام الذي سبقه، بحسب الخارجية التركية.

تأتي البرازيل في مقدمة دول المنطقة تعاونا مع تركيا، حيث بلغ حجم التبادل بينها وبين تركيا ما يقرب من 2.958 مليار دولار عام 2011، وجاءت المكسيك في المرتبة الثانية، وتليها كولومبيا.

تتزايد الاستثمارات التركية في دول المنطقة وخاصة في مجال النفط، حيث تقوم شركة البترول التركية العالمية "TPIC" بالاستكشاف والتنقيب عن البترول في كل من كولومبيا و الإكوادور اللتان تعتبران من الدول المصدرة للنفط، وتواصل الشركة ذاتها جهودها للتوقيع مع فنزويلا.

قامت شركة البترول البرازيلية "PETROBRAS" بالاشتراك مع شركة"TPIC" بالاستكشاف عن النفط في البحر الأسود بين عامي 210 و 2011.

ما السر

وعلى الرغم من أن الرئيس التركي، كان قد أطلق العديد من التصريحات حول القارة الأمريكية، أشهرها، ما قاله نهاية العام الماضي من أن المسلمين هم الذين اكتشفوا القارة الأمريكية وليس كريستوفر كولومبوس، إلا أنه حرص على إجراء هذه الزيارة بعد حدودث حلحلة في العلاقات الأمريكية الكوبية، وبدء تطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما يضع العديد من التساؤلات حول مغذي وتوقيت الزيارة.

الجدير بالذكر أن الرئيس التركي، سيقوم بافتتاح مسجد على قمة جبل بإحدى سواحل كوبا، أثناء زيارته، حيث بدأ بناء هذا المسجد منذ فترة.
http://www.dotmsr.com/details/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%BA%D8%B2%D9%88-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9
http://www.dotmsr.com/details/2015-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1-%D8%AC%D8%B3%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9

قراءة 1559 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)