هجمة استثمارية للصين في أميركا الجنوبية

الإثنين, 25 أيار 2015 10:46
اختتم رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ زيارته للبرازيل بتوقيع 33 اتفاقية ثنائية، معظمها مشاريع استثمارية تتعلق بقطاعات الطاقة والتعدين والطيران وتطوير البنية التحتية البرازيلية.
جاء ذلك في مستهل جولة ستشمل كولومبيا وبيرو وشيلي، ومن المتوقع أن تتوج جولته في دول أميركا الجنوبية بتوقيع العشرات من الاتفاقيات الاقتصادية.
وقالت رئيسة البرازيل ديلما روسيف، إن إجمالي قيمة الاتفاقيات التي تم إبرامها تصل إلى نحو 53 مليار دولار.
وأعلنت أن البنك الصناعي والتجاري الصيني، أكبر مصرف في العالم من حيث حجم الأصول، سينشئ صندوقا بقيمة 50 مليار دولار مع أكبر بنك للإقراض العقاري في البرازيل للاستثمار في مشاريع للبنية التحتية في أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية.
ووقعت شركة النفط البرازيلية بتروبراس الحكومية، اتفاقين للتمويل بقيمة 7 مليارات دولار مع بنوك صينية حكومية، واتفاقا ائتمانيا بقيمة 5 مليارات دولار مع بنك التنمية الصيني وخط ائتمان بقيمة ملياري دولار مع بنك التصدير والاستيراد الصيني.
كما وقع البلدان اتفاقات للتجارة والتمويل والاستثمار وشراء طائرات ركاب بقيمة مليار دولار من شركة امبراير البرازيلية لصناعة الطائرات.
واتفقا على التعاون لتوسيع الموانئ والمطارات والطرق وشبكة السكك الحديد في البرازيل والزراعة. ومن بين الصفقات أيضا، مشروع لربط البرازيل بالمحيط الهادي بالقطار عبر أراضي بيرو، لكن جدوى المشروع لا تزال غير مؤكدة.
ووصفت رئيسة البرازيل المشروع بأنه “طريق جديد إلى آسيا، من شأنه أن يوفر فرصا للبرازيل ويحد من المسافات والتكاليف”، وأثنت على دعم الصين لهذا المشروع.
ويأتي ضخ الصين استثمارات ضخمة في السوق البرازيلية، وتحركها نحو معظم أسواق أميركا اللاتينية، بعد نجاحها في الدخول بقوة للأسواق الأفريقية والآسيوية، لتنافس بذلك القوى الغربية الكبرى وخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ، قد تعهد خلال الشهر الجاري، بأن بلاده ستستثمر 250 مليار دولار في أميركا اللاتينية على مدى الأعوام العشرة القادمة في إطار سعيها لتعزيز نفوذ بكين في منطقة هيمنت عليها واشنطن لفترة طويلة.
وقال خلال منتدى مجموعة أميركا اللاتينية والكاريبي، وهو تجمع يضم 33 دولة في المنطقة لا تشمل الولايات المتحدة وكندا “إن حجم المبادلات التجارية بين الصين وأميركا اللاتينية سيرتفع إلى 500 مليار دولار في غضون السنوات العشر القادمة”.
وتشتري الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، النفط من فنزويلا والنحاس من بيرو وتشيلي وفول الصويا من الأرجنتين والبرازيل.
ويقول الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، إن الاستثمارات الصينية في بلاده تزيد عن 20 مليار دولار، بينما قالت الاكوادور، إنها حصلت من بكين على خطوط ائتمان وقروض بقيمة إجمالية بلغت 7.53 مليار دولار.
ويرى مراقبون، أن الصين بدأت تتحرك بالفعل، لانتزاع حصص أكبر في الأسواق الخارجية التي تعدّ تاريخيا أسواقا تقليدية لأوروبا وأميركا، إما بفعل روابط الاستعمار السابقة لتلك الدول، أو بفعل القرب الجغرافي.
واعتبروا أن التمدد الصيني في أميركا الجنوبية، التي تعد الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وقبلها التمدد في أفريقيا وآسيا، أشبه بتشكيل أحزمة مالية لتطويق المنافسين، مشيرين إلى أن الصين انتهجت دبلوماسية اقتصادية، مكنتها من تعزيز تواجدها في معظم الأسواق العالمية.
وتابعوا، أن مشروع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لا يخرج عن سياق الاندفاع الصيني نحو كسر طوق الهيمنة الأميركية والأوروبية المالية والاقتصادية.
وتنشط بكين في تكتلات اقتصادية وسياسية أخرى مثل مجموعة بريكس، التي تضم أيضا الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وروسيا، ويسعى لتقليص الهيمنة الأميركية على أسواق المال العالمية.
ويبدو أن تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، دفع الشركات الصينية للتطلع إلى الأسواق الخارجية بحثا عن فرص جديدة للاستثمار، لكن تحركها الجامح يثير مخاوف واشنطن التي وجهت مرارا انتقادات حادة للصين، واتهمها أيضا بالتجسس الاقتصادي على شركاتها.
وانفتحت الاستثمارات الصينية أيضا بشكل واسع على باكستان، حيث وقعت معها 50 اتفاقية بقيمة إجمالية بلغت نحو 46 مليار دولار، وأعلن البلدان عزمهما رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى نحو 20 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة.
واعتبر محللون، أن الاستثمارات الضخمة التي ضخّتها الصين في دول أميركا اللاتينية وفي عدد من الأسواق الآسيوية، تعكس رغبة بكين الجامحة للتمدد إقليميا ودوليا بما يتيح لها انتزاع أكبر قدر ممكن من حصص منافسيها الدوليين.
كما وجهت الصين بوصلتها في السنوات الماضية باتجاه الأسواق الافريقية، ونجحت خلال فترة وجيزة في التوسع عبر ضخّ استثمارات ضخمة في مشاريع بمعظم الدول الافريقية، تركز أساسا على الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والزراعة والصناعة.
وتحركت أيضا نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية مع روسيا، التي سعت بدورها إلى الانفتاح بشكل واسع على الاستثمارات الصينية في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
وتقول مصادر روسية، إن الأسواق الغربية أغلقت أبوابها أمام موسكو، ما دفعها بقوة نحو تعزيز التعاون المالي مع الصين، والتحرك لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الصينية، لانعاش اقتصادها المتعثر بفعل العقوبات الغربية.
http://alkalimaonline.com/article.php?id=344730

قراءة 1040 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)