«أوديبريشت» الشركة التى أفسدت أمريكا اللاتينية

الإثنين, 05 شباط/فبراير 2018 09:16

03/02/2018
الفساد آفة بدأت فى البرازيل واستمرت فى الزحف وتغلغلت فى أمريكا اللاتينية حتى وصلت الى بيرو . ولهذا أصبحت أمريكا اللاتينية خلال العقد الأخير تواجه أزمة عميقة بسبب فضائح الفساد .فكثير من حكام القارة إما تحيط بهم الشبهات أو متهمون فى قضايا فساد وشهدت المنطقة الكثير من التداعيات الاقتصادية والسياسية بسبب هذه الآفة الخطيرة ويوما بعد يوم يزداد السخط الشعبى مطالبين حكوماتهم ببتر رءوس الفاسدين.
فشى الفساد السياسي فى أمريكا اللاتينية وطالت فضيحة «اوديبريشت» المتعلقة بالمجموعة البرازيلية العملاقة للأشغال العامة وإنشاءات الرئيسين البرازيليين السابقين، لولا دا سيلفا وديلما روسيف، واتهما بتلقي رشاوى مقابل عقود ضخمة قدرت بالمليارات، وكذلك زعماء سابقين من الأرجنتين والإكوادور والمكسيك وبيرو .
كشفت الفضيحة عن خطايا النخبة السياسية والتجارية، وتحدى استقلال الهيئات القضائية المكلفة بمحاكمة الجرائم وأظهرت قدرة الفساد على تدمير دولة نامية فى الوقت الذى توقفت مشاريع البناء الكبرى التي تقدر قيمتها ببلايين الدولارات، بينما انشغلت الدولة فى التصدى للرد على فضيحة تجتاح أعلى صفوف الطبقة السياسية.
وامتدت الفضيحة لتشمل العديد من دول أمريكا اللاتينية على رأسهم بيرو والتى اتهم حتى الآن ثلاثة رؤساء سابقين لها بأخذ رشاوى من اوديبريشت . وإن كان الرئيس الحالى بيدرو بابلو كوشينسكى قد نجا من محاولة إقالة في ديسمبر الماضى ، إلا أنه قد يواجه ادعاءات أخرى في وقت لاحق تفيد بأن الشركة التي أسسها في التسعينيات»ويستفيلد كابيتال» تلقت ٧٨٢ ألف دولار من العملاق البرازيلي.وقد اعترف المسئولون فى أوديبريشت بدفع ٢٩ مليون دولار كرشاوى للموظفين العموميين في بيرو بين عامي ٢٠٠٥ و ٢٠١٤ مقابل ١٢,٥ مليار دولار في العقود. بينما نفت أن جميع مشروعاتها البيروفية مشوهة بالفساد. وكان كوتشينسكي الذي نفى في البداية تلقي أي أموال من الشركة ، اعترف الشهر الماضي بأن ويستفيلد كابيتال وافق على مبلغ ٧٨٢ ألف دولار بين ٢٠٠٤ و ٢٠٠٧ بينما كان يعمل كوزير للحكومة. وتلقت شركة أخرى كان يعمل في مجلس إدارتها فيرست كابيتال ٤ ملايين دولار بين عامي ٢٠٠٦ و ٢٠١٣. ولكن ادعى كوكزينسكي أنه لا يملك معرفة مباشرة بالمدفوعات لأنه سلم إدارة الشركتين إلى شريك شيلي، هو جيراردو سيبولفيدا.
أصيبت إدارة كوشينسكى بالشلل حول كيفية التعامل مع فضيحة أوديبريشت. في فبراير ٢٠١٧، وواجهت ضغوطا من العامة و السلطة القضائية. جمدت أصول الشركة وأوقفت مشاريعها، بما في ذلك مشروع الري ٨٠٠ مليون دولار على الساحل الشمالي. وألغت من قبل عقدا لأنابيب الغاز فى جنوبى البلاد. وفي الوقت الراهن، توقفت أعمال البناء في القطاع العام تقريبا .ويحمل المحللون اللوم على الممولين عن مزاعم الفساد الأخرى والسياسيين يترددون في منح العطاءات في المناخ الحالي. وبسبب هذه الفضيحة، فقد ما يقرب من ١٥٠ ألف وظيفة على مدى الاثني عشر شهرا الماضية والعشرات من الشركات تقف على شفا الإفلاس.كما أن الاقتصاد فى البلاد لم يحقق نسبة النمو المستهدفة لخفض معدلات الفقر وهى ٥في المائة.
والمفارقة أن كوشينسكى ليس الوحيد الذي طالته فضيحة أوديبريشت في بيرو ففى شهر
يوليو الماضى أمر قاض بحبس أويانتا هومالا رئيس بيرو السابق والذي تنحى عن منصبه في عام ٢٠١٦ وزوجته نادين هيريديا لمدة تصل إلى ١٨ شهراً بعد شهادة مسئولين سابقين بشركة «أودبريشت» بحصولهما على ثلاثة ملايين دولار على نحو غير مشروع خلال حملته عام ٢٠١١. وكان هومالا، وهو ضابط سابق في الجيش قد حكم بيرو من العام ٢٠١١ إلى ٢٠١٦.وصدر أمر بالقبض على رئيس بيرو السابق أليخاندرو توليدو، الذي تولي رئاسة دولة بيرو بين عامي ٢٠٠٦ و٢٠١١ بتهمة الحصول على رشى بقيمة ٢٠ مليون دولارمقابل منح امتياز إنشاء طريق سريع عبر المحيط، يربط بيرو مع البرازيل لصالح العملاق البرازيلى . وأنكر الرؤساء الثلاثة تلقيهم رشاوى من الشركة البرازيلية. ولا تزال الفضيحة تتكشف وفى الأسابيع القادمة، يستعد المدعون العامون لإجراء محادثات مع خورخى باراتا رئيس أوديبريشت السابق فى بيرو الذى يخضع حاليا للإقامة الجبرية فى البرازيل.
أما في الإكوادور فقد حكمت محكمة فى ١٤ من ديسمبر الماضى على نائب رئيس البلاد خورخي غلاس بالسجن ستة أعوام بعد إدانته بتلقي رشى تبلغ قيمتها ملايين (١٣,٥مليون) دولار من شركة أوديبريشت البرازيلية. كما هزت الفضيحة فنزويلا أيضا حيث تقول المجموعة إنها دفعت ٩٨ مليون دولار لكبار السياسيين فى الدولة .و كان الرئيس نيكولاس مادورو أحد المشتبهين بتلقى رشوة لكن القضاء الذي تقول المعارضة إنه موالٍ لمادورو، استبعد إجراء أي تحقيق. وفي كولومبيا، يحقق المدعون العامون فيما إذا كانت حملة الرئيس خوان مانويل سانتوس عام ٢٠١٤ تلقت تبرعات غير شرعية من الشركة . كما دعا المتظاهرون فى جواتيمالا الى استقالة رئيسهم وسائر السياسيين المشاركين فى فضيحة تلقى رشاوي من نفس الشركة.
وفى جمهورية الدومينيكان تم القبض على حوالى ١٢ مسئولا للاشتباه فى تورطهم فى تلقى رشى تبلغ قيمتها ٩٢ مليون دولار من الشركة . ووفقا لوزارة العدل، جنت الشركة ١٦٣ مليون دولار من تلك الرشاوى.وفي بنما، اتهم اثنان من أبناء الرئيس السابق ريكاردو مارتينيلي (٢٠٠٩-٢٠١٤) و٣ من وزرائه بالتورط في هذه الفضيحة. كما صدر حكم على المدير التنفيذي للمجموعة مارتشيلو أوديبريشت بالسجن ١٩ عاما، وكشفت شهادته أمام التحقيقات عن حجم الفساد الضخم المنتشر فى أمريكا اللاتينية بدأ من البرازيل التى اتهم ٨ وزراء في حكومة الرئيس الحالي للبرازيل ميشيل تامر، وثلث مجلس الشيوخ ونحو ٤٠ نائبا. كما وجهت اتهامات للرئيس البرازيلي الأسبق لولا دا سيلفا الذى حكم البلاد بين عامى ٢٠٠٣-٢٠١٠ بالتورط في هذه القضية ويحقق القضاء في احتمال حصوله على تبرعات عينية مثل قطعة أرض أو شقة من المجموعة.
وتشكل فضيحة أوديبريشت جزءا من تحقيقات فساد واسعة النطاق، تعرف باسم «عملية غسيل السيارات»، أطلقها المدعون العامون البرازيليون في عام ٢٠١٤. وفي البرازيل، لا يزال ٣٠في المائة تقريبا من أعضاء الكونجرس قيد التحقيق. وأصبحت الفضيحة عابرة للحدود الوطنية، حيث يقاتل بعض أبرز السياسيين في أمريكا اللاتينية مزاعم الفساد. في فنزويلا، على سبيل المثال، ادعى مدير أوديبريشت السابق العام الماضي أنه قدم ٣٥ مليون دولار لممثل مادورو في عام ٢٠١٣ عندما كان يتولى الرئاسة.
وفي أواخر عام ٢٠١٦، وبعد تحقيق أجراه مسئولون عن إنفاذ القانون في الولايات المتحدة والبرازيل وسويسرا حول أوديبريشت ، أقرت الشركة بالتهمة العالمية لارتكاب الرشوة ووافقت على دفع غرامات تصل إلى ٢,٦ مليار دولار. وقال مسئولون أمريكيون أن الشركة لديها مايشبه «ادارة للرشوة» وأنها استغلت الولايات المتحدة وغيرها من الأنظمة المالية لضخ مبالغ نقدية كبيرة لموظفين عموميين .
http://almussawar.com/show-996.html

قراءة 785 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)