قضية جزر المالوين في الامم المتحدة

الثلاثاء, 23 تشرين1/أكتوير 2018 10:54

إن "قضية جزر المالوين "، التي تعرف بالنزاع حول السيادة بين الأرجنتين والمملكة المتحدة على جزر المالوين وجورجيا الجنوبية وجزر ساندويتش الجنوبية والمناطق البحرية المحيطة بها، قد تم تناولها قبل انشاء منظمة الأمم المتحدة، وتم التداول بشأنها خلال مناقشات مؤتمر سان فرنسيسكو لسنة 1945 المنشأ لهذه المنظمة الدولية.

 

ومن المعلوم أن الوفد الارجنتيني آنذاك قد أبدى تحفظا قانونيا أكد من خلاله رفض الارجنتين لتطبيق أي نظام فوق الأراضي التابعة لها، سواء كانت تخضع لمطالبات أو منازعات أو في حوزة دول أخرى.

 

إن التطور الذي عرفته عملية تصفية الاستعمار لميثاق الامم المتحدة في 14 دجنبر 1960 و الذي صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلاله على القرار 1514 (الدورة XV) عن "الاعلان على منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة" والذي أكد على ضرورة وضع نهاية سريعة وغير مشروطة للاستعمار بكل أشكاله ومظاهره، لترسيخ مبدأين أساسيين يقودان عملية تصفية الاستعمار وهما حق تقرير المصير والوحدة الترابية.

 

وينص هذا القرار في فقرته السادسة على أن كل محاولة لإخلال جزئي او كلي بالوحدة الوطنية والوحدة الترابية لدولة ما، يعد منافيا لأهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة. ومما لا شك فيه أن هذا القرار يوضح أنه حين يكون مبدأ الوحدة الترابية للدول مهددا فإنه لا يمكن تحقيق الحكم الذاتي.

 

وتنفيذا للقرار 1514 ( (XVفي 16 دجنبر 1965، صادقت الجمعية العامة على القرار 2065 (XX) الذي تم الاعتراف من خلاله بوجود خلاف حول السيادة على الجزر المذكورة آنفا بين الأرجنتين والمملكة المتحدة، وبالتالي تمت دعوة كلا الطرفين للتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي للنزاع.

 

ويتضمن هذا القرار العناصر الأساسية المحدِّدة لهذه المسألة، وهي: - اعتبار حالة جزر المالوين إحدى أشكال الاستعمار التي يجب إنهاؤها؛ - وجود نزاع على السيادة بين الحكومتين الأرجنتينية والبريطانية. - دعوة الحكومتين الأرجنتينية والبريطانية إلى الدخول في مفاوضات قصد إيجاد حل سلمي للمشكلة، وتقديم تقرير بنتائج ذلك إلى اللجنة الخاصة أو الجمعية العامة. - بالنسبة لهذه المفاوضات، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أهداف وأحكام الميثاق وبالخصوص، المادة 33 المتعلقة بالتزام أطراف النزاع الى البحث لإيجاد حل، قبل كل شيء، عن طريق التفاوض، وكذلك القرار 1514 الذي يتناول مبدأ الوحدة الترابية بالإضافة الى مصالح سكان الجزر، وبهذه الطريقة سيترك مبدأ تقرير المصير جانبا.

 

بعد فترة وجيزة من اعتماد القرار المذكور آنفا، بدأت عملية مفاوضات ثنائية فيما يتعلق بالسيادة على جزر المالوين وجورجيا الجنوبية وجزر ساندويتش الجنوبية والمناطق البحرية المحيطة بها ، حيث اقترح الطرفان حلولا بديلة مختلفة لكن دون التوصل إلى تجسيدها على أرض الواقع. وفي عام 1973، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة ضرورة تسريع وثيرة المفاوضات الجارية بواسطة قرارها رقم 3160 (د -XXVIII)الذي حثت من خلاله الحكومتين على مواصلة المفاوضات دون تأخير.

 

وفي السنوات الموالية، تواصلت المفاوضات بشأن النزاع المتعلق بالسيادة، عُقدت محادثات خاصة بشأن عدد من الجوانب العملية التي سيكون لها تأثير ايجابي على رفاهية سكان الجزر، حيث أعربت الأرجنتين عن استعدادها ورغبتها للاستجابة لمصالح السكان. وقد انتهت هذه المحادثات الخاصة إلى توصل الحكومتين في سنة 1971 الى اتفاق، حول صيغة السيادة، قصد التعاون في مجال الخدمات الجوية والبحرية والبريد والتواصل الهاتفي والتلغرافي، كما أكدت الارجنتين على الالتزام بالتعاون في الميدان الصحي والتعليمي والزراعي والتقني.

 

في نفس الوقت، تناولت المفاوضات -بشكل رسمي وغير رسمي- مجموعة من الحلول كانت تدور حول المسألة الرئيسة، لكن بالرغم من هذه المفاوضات الجارية وتحركات الارجنتين التي تخدم مصالح سكان الجزر، التي بدورها كانت مريحة للجهة المسيّرة والمحتلة بطريقة غير قانونية. إلا أن المملكة المتحدة أصدرت احكاما قانونية تتعلق باستكشاف الموارد الطبيعية في المنطقة المتنازع عليها، والتي عارضتها واحتجت عليها الحكومة الارجنتينية.

 

في ظل هذه الظروف، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا جديدا تحت عدد 49/31 في دجنبر 1976، الذي كان مهما جدا من حيث المحتوى، حيث لقي القرار تصويت 102عضوا بالإيجاب مقابل تصويت واحد بالرفض(المملكة المتحدة) وامتناع 32 عضوا. نص هذا القرار على امتناع الطرفين المتنازعين من تبني أي قرارات من شأنها إحداث تغييرات أحادية الجانب على الوضع، في حين تخضع الجزر للعملية الموصى بها في القرار رقم 2065 (XX) والقرار رقم 3160 المشار اليهما سلفا، الذي بقي حتى هذا اليوم مهمشا من قبل المملكة المتحدة، التي تصر على مباشرة أنشطة وأعمال أحادية الجانب في المنطقة المتنازع عليها، والمتعلقة أساسا باستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة، بالإضافة الى أنشطة ذات طابع عسكري.

 

والملاحظ أن صراع سنة 1982 لم يغير من طبيعة النزاع القائم بين الارجنتين والمملكة المتحدة بشأن السيادة على هذه الجزر، هذا الوضع مازال ينتظر التفاوض بشأنه وإيجاد حل له. وقد اقرت ذلك الجمعية العامة في نونبر 1982، حين اتخذت القرار9/37 وأكدت على الشيء نفسه في قراراتها 12/38 و6/39 و21/40 و40/41 و19/42 و25/43.

 

ومنذ سنة 1989 واللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار تناقش قضية جزر المالوين كل سنة؛ وتتخذ هذه اللجنة سنويا قرارا يصب في نفس اتجاه قرارات الجمعية العامة ذات الصلة.

 

بالإضافة الى ذلك، وضمن إطار عمل منظمة الأمم المتحدة، فإنه يتم الحفاظ على ولاية بعثة المساعي الحميدة للأمين العام وظهور موضوع قضية جزر المالوين في الأجندة الدائمة للجمعية العامة منذ سنة 2004؛ إذ من الممكن مناقشة القضية عن طريق إشعار مسبق لإحدى الدول الأعضاء.

والواقع أن استئناف العلاقات القنصلية والدبلوماسية بين البلدين في اكتوبر 1989 وفبراير 1990 كان قد سبقه تفاهم بين البلدين حول الشروط التي يجب عليهما اخذها بعين الاعتبار على أن هذا النزاع هو نزاع على السيادة على هذه الجزر. ولهذا الغرض، وبناء على البيانات المشتركة الصادرة في اتفاق مدريد سنتي 1989 و1990، تم الاتفاق على صيغة تحفظ أو ضمانات السيادة على هذه الجزر، هذه البيانات تقر في الوقت ذاته على اعتراف الدولتين بوجود خلاف على السيادة.

 

غير أن قضية السيادة باعتبارها موضوعا محوريا للصراع على السيادة لم تتم مناقشته حتى الآن، وذلك راجع الى رفض المملكة المتحدة استئناف المفاوضات حول هذا الشأن؛ حيث تتشبث هذه الاخيرة بموقفها في رفض النداءات المتكررة للأرجنتين والأمم المتحدة ومجموعة 77+الصين والمجتمع الدولي والمنظمات الجهوية( منظمة الدول الامريكيةOEA ، السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية MERCOSUR، اتحاد دول أمريكا الجنوبيةUNASUR ، مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبيCELAC ، قمة دول أمريكا الجنوبية والدول العربية ASPA) بالإضافة الى القمم والمحافل المتعددة الاطراف.

 

هذا، ويظل رفض المملكة المتحدة استئناف المفاوضات مقترنا بالإشارة الى حق مزعوم لسكان الجزر في تقرير المصير، وهو حق لا ينطبق على هذه الحالة، حيث سبق لمنظمة الأمم المتحدة ان رفضته مرارا وتكرارا. ذلك لأنها رأت ان السكان الذين تم نقلهم للجزر بغرض استعماري، كما هو الحال بالنسبة لسكان جزر المالوين، ليس لهم الحق في تقرير المصير، لانهم لا يختلفون عن سكان المدينة.

 

مقال مترجم من كتاب "المجتمع الدولي وقضية المالوين" الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية والعبادة لجمهورية الارجنتين سنة 2014.

قراءة 1021 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)