مواجهة جديدة بين "حزب الله" وواشنطن في أمريكا اللاتينية
الثلاثاء, 26 كانون2/يناير 2016 10:07في الوقت الذى يتورط حزب الله في الصراع السوري لصالح نظام بشار الأسد نجد أنه يدخل في معركة جديدة خارج حدود نفوذه في لبنان والعراق وتحديدا في أمريكا اللاتينية ولكنه في هذه المرة لا يواجه مجموعات مسلحة وانما أنظمة استخباراتية على رأسها المخابرات الأمريكية التي تدعم أجهزة الاستخبارات المحلية في أمريكا اللاتينية في حربها ضد الحزب الموالي لإيران. آخر هذه المعارك وليس آخرها ما كشفت عنه أجهزة الاستخبارات المكسيكية، بالتعاون مع نظيرتها الكندية، عن رصد تحركات لحزب الله بدعم إيراني في منطقة أمريكا اللاتينية، وحددت أماكن تغلغله، التي شملت فنزويلا، والمكسيك، ونيكاراجوا، وتشيلي، وكولومبيا، وبوليفيا، والإكوادور، بالإضافة للمنطقة التي ينشط فيها الحزب وهي منطقة المثلث الحدودي بين باراجواي والأرجنتين والبرازيل وهو ما أكده جورج شايا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر في جامعة بوينس آيرس الأرجنتينية قائلا " إن حزب الله، برعاية إيرانية، سوف يرسم خطة انتشار جديدة، وذلك لأن التدخل الروسي واستخدام السلاح المتطور في الصراع السوري والوجود العسكري الإيراني قلل من استخدام المقاتلين التابعين لحزب الله على الأرض وبالتالي فإن الوجود العسكري للحزب سيبدأ في التقلص تدريجيا، وهو ما يمهد لإعادة انتشار جديدة في أمريكا اللاتينية وعبر العالم، لمرحلة ومهام جديدة وأن التدخل الروسي أنه سيكون بمثابة أنبوب أكسجين سيمتد إلى الجماعات المسلحة التابعة لإيران، لكي توسع نفوذها ويوكل لها مهام جديدة.هذه المواجهة سبقها تشديد من السلطات في المكسيك على عمل الحزب في أمريكا الجنوبية حيث قامت بإلقاء القبض على مواطن لبناني تابع لحزب الله على الحدود الأميركية - المكسيكية، وبحوزته أوراق ثبوتية مزورة ومواد مخدرة و اعترف بأنه كان يتبع لجهاز الحرس الثوري الإيراني وكانت مهمته هي جمع المعلومات عن أعداء الدولة الإيرانية، وإن هناك مجموعات تابعة لحزب الله بدأت بالفعل في العمل على الأرض ومن بين هذه المجموعات "فرع جماعة عباس الموسوي"، و"فرع جماعة عماد مغنية " وأن هدفها هو رصد المصالح التي تهدد إيران في عدد من دول العالم للتحضر لضربها.
حزب الله متغلغل بقوة في أمريكا اللاتينية معتمدا على عنصرين هما:
1- الجالية العربية الشيعية حيث توجد جالية لبنانية شيعية تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير في بعض المناطق مثل منطقة «إيكويكي» في الشيلي، و"مايكاو" في كولومبيا، وجزيرة مارغاريتا في فنزويلا، وخصوصا المنطقة المعروفة بالحدود الثلاثية التي تحد الأرجنتين والبرازيل والبراغواي، وهي منطقة حرة تنشط فيها بشكل مكثف الحركة التجارية فقد اعتبرت «المجلة العسكرية»، الناطقة باسم البنتاجون، المنطقة نقطة تنسيق لوجستيكي ومالي لحزب الله
2- التغلغل الإيراني بقارة أمريكا اللاتينية الذي شهد تزايدا ملحوظا على امتداد العقد الأخير، خصوصا في البلدان التي تناصب الولايات المتحدة العداء لأسباب إيديولوجية، مثل فنزويلا وبوليفيا. هذا التغلغل يستفيد منه حزب الله لتوطيد نفوذه في هذه المنطقة وتربط الولايات المتحدة بين حزب الله والدعم الفنزويلي للإرهاب ذا التوجه الإسلامي، و في بوليفيا يستفيد حزب الله من العلاقات المتميزة التي لإيران مع الحكومة وأنه عقب زيارة رئيس إيران محمود أحمدي نجاد لبوليفيا سنة 2007، زودت بوليفيا إيران باليورانيوم من أجل برنامجها النووي، كما تقديم إيران مساعدات مالية ضخمة لبوليفيا وهو ما أثار احتجاج الولايات المتحدة، التي رأت في هذه الخطوة الإيرانية خطرا آخر على مصالحها في جارتها الجنوبية. معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى كشف عن أن أمريكا اللاتينية أصبحت ملعبًا لحزب الله منذ ما يقرب من عقدين وأن وثائق وتحقيقات أشارت إلى توسع رجال حزب الله المدعوم بالأساس من إيران في تجارة المخدرات والسلاح في أمريكا اللاتينية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، ويديرها ناشط رئيسي في الحزب في باراجواي يدعى أسد أحمد بركات الذي ورد اسمه في قوائم الإرهاب لدى واشنطن وتل أبيب أيضا، وتمكنت سلطات البرازيل من اعتقاله
ففي عام 1994 أعلن المدعي العام في الأرجنتين ألبرتو نيسمان إصدار مذكرة توقيف دولية لـ"صامويل سلمان الرضا" الكولومبي من أصل لبناني، الذي يشتبه بأنه ناشط في حزب الله، وكان يعيش سابقا في بوينس آيريس بتهمة الاشتراك في تفجير مقرات الجمعيات الخيرية اليهودية التي أودت بحياة 85 شخصا وجرح نحو 300.
وفي نوفمبر عام 2006 أدرجت السلطات الأمريكية صبحي فياض على قوائم الإرهاب، باعتباره أحد أهم الناشطين التابعين لحزب الله في منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين والبرازيل وباراجواي متهمة إياه بالتورط في تجارة المخدرات لصالح حزب الله منذ 1995.
وفي 2008 اعتقلت واشنطن فايد بيضون ذو الاسم المستعار «ميجال جارسيا» بتهمة الاتجار بالكوكايين لصالح حزب الله، وهو نجل أحد أكبر العائلات الشيعية بجنوب لبنان. وفي نوفمبر 2008م نشرت تقارير سرية لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI إن الزعيم الروحي لـ«حزب الله»، الذي حذف اسمه في التقرير بحسب معهد واشنطن، قال إن تجارة المخدرات مقبولة أخلاقيا حال بيعها لمن وصفهم بـ" زنادقة الغربيين كجزء من الحرب ضد أعداء الإسلام".
وفي مايو 2013 بعدما فشل متلاحق لوكالات الاستخبارات في دول عدة للقبض عليه كما ألقي القبض في يونيو 2005 على اللبناني راضي زعيتر الذي اتهمته الإكوادور بإدارة شبكة مخدرات مولت حزب الله بـ70% من أرباحها،
وفي أغسطس 2014 اعترف ابن رئيس سورينام دينو باوتيرس البالغ من العمر 41 عاما خلال محاكمته في نيويورك بدعم حزب الله عبر تهريب أسلحة وكوكايين، وجاء ذلك عقب قضائه 8 سنوات سجنا في بلاده بعد إدانته في عام 2005 بتهمة قيادة عصابة مهربي كوكايين وأسلحة، وأُطلق سراحه بعد 3 سنوات لحسن سلوكه وانتخب والده رئيسا للبلاد في 2010 ثم عينه مديرا لعمليات مكافحة الإرهاب، وكان باوتيرس الأب قاد انقلابات عسكرية متتالية أعوام: 1980 و1987، ثم 1990 و1991 م فيما أعلنت تحقيقات أمريكية عن أنشطة حزب الله عام 2011 كشفت عن تورطه في شبكة تبييض أموال عالمية تعمل من خلال عشرات البنوك لإيصال مئات ملايين الدولارات إلى لبنان باستخدام عصابات تجارة المخدرات وتجار السيارات في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وغرب أفريقيا.
الولايات المتحدة ترصد بشكل مستمر تحركات حزب الله في حظيرتها الخلفية حيث قال الجنرال كينيث توبو، نائب القائد العسكري للمنطقة الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية قال في أحد جلسات لجنة أنشئها مجلس الشيوخ الأمريكي لدراسة الأخطار و التحديات التي تواجه الأمن القومي الأمريكي في الحدود مع دولة المكسيك " أن المجموعة الإرهابية المسماة حزب الله لها صلات قوية بعصابات الجريمة المنظمة و تجارة المخدرات ولذلك فعلى أعضاء اللجنة اعتبار أنشطة الحزب أولوية من أولويات الأمن القومي الأمريكي لان ارتباطات الحزب اللبناني بالعصابات المكسيكية النشطة في تجارة المخدرات هدفها الأساسي الحصول على الموارد المالية بطرق غير شرعية ومعلوماتنا تؤكد علاقة الحزب بالعصابات المكسيكية بِلا أدنى شك وأولويتنا في الوقت الراهن هي تحديد حجم التعاون الحاصل بين الجانبين و أن جهات تابعة لإيران عملت مع العصابات المكسيكية لاغتيال سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن سنة 2011 م .
وفي 17 ديسمبر 2015 أقر الكونجرس الأمريكي بإجماع 422 عضوًا قانونًا يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله اللبناني ومنها قناة "المنار" التابعة للحزب والكشف عن نشاط الحزب في "تهريب المخدرات والجريمة العابرة للحدود وعمليات مجموعات دولية مرتبطة بحزب الله" خصوصا في أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء وآسيا وقالت جاكي والورسكي، العضو عن الحزب الجمهوري في الكونجرس "أن لا شك في أن حزب الله أقوى اليوم أكثر من أي وقت مضى وأنه عدو خطير على إسرائيل حيث قام بتكديس أكثر من 150 ألف صاروخ وقذيفة.مما سبق يتضح أن تحركات حزب الله تواجهها دائما الولايات المتحدة ولكن التدخل الروسي في النزاع السوري، منح حزب الله ومقاتليه راحة نسبية، وجعله يوسع من نفوذه في أمريكا اللاتينية معتمدا على العلاقات الوطيدة بينه وبين إيران وفنزويلا.
http://www.islamist-movements.com/34186